قال الناصر: وفي تعقيب الزيادة بهذه الجملة مصداق لصحة تفسير الزيادة بالرؤية الكريمة فإن فيه تنبيها على إكرام وجوههم بالنظر إلى وجه الله تعالى، فجدير بهم أن لا يرهن وجوههم قتر البعد، ولا ذلة الحجاب عكس المحرومين المحجوبين، فإن وجوم مرهقة بقتر الطرد وذلة البعد.
وقوله تعالى: أُولئِكَ أي الذين أحسنوا أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ أي الشرك والمعاصي جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ أي واق يقيهم العذاب كَأَنَّما أُغْشِيَتْ أي ألبست وُجُوهُهُمْ قِطَعاً أي أجزاء مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً لفرط سوادها وظلمتها. وذلك لارتكابهم الهيئة المظلمة من الميول الطبيعية، والأعمال الردية والقصد الإخبار بأبدع تشبيه عن سواد وجوههم. وقد ذكر هذا المعنى في غير ما آية أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
ثم بين تعالى ما ينال المشركين يوم الحشر من التوبيخ والخزي بقوله سبحانه:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يعني المشركين ومعبوداتهم للمقاولة بينهم ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أي معبوديهم بالله مع توقعهم الشفاعة منهم مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ أي الزموا مكانكم، لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم.
قال القاشانيّ: معناه قفوا مع ما وقفوا معه في الموقف من قطع الوصل والأسباب التي هي سبب محبتهم وعبادتهم، وتبرؤ المعبود من العابد لانقطاع الأغراض الطبيعية التي توجب تلك الوصل.