آخذ، عن غير متقن، قد ضيع أيامه، وعض عند لقاء النحارير أنامله مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ أي: من علم التكليب، لأنه إلهام من الله ومكتسب بالعقل. أو مما عرفكم أن تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه. وانزجاره بزجره. وانصرافه بدعائه. وإمساك الصيد عليه وأن لا يأكل منه. انتهى.
وقال الناصر في (الانتصاف) : وفي الآية دليل على أن البهائم لها علم. لأن تعليمها، معناه لغة تحصيل العلم له بطرقه. خلافا لمنكري ذلك.
فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ أي: صدن لكم وإن قتلنه بأن لم يأكلن منه وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ الضمير يرجع إلى (ما علمتم من الجوارح) أي: سموا عليه عند إرساله، كما بيّنه حديث أبي ثعلبة وعدّي الآتي. وجوز رجوعه إلى (ما أمسكن) على معنى: وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته وَاتَّقُوا اللَّهَ أي بالأكل مما فقد فيه شرط من هذه الشرائط استعجالا إليها إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أي: المجازاة على كل ما جلّ ودقّ.
[تنبيهات:]
الأول:
روى ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير، عن عدّي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيّين. سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا:«يا رسول الله! قد حرّم الله الميتة فماذا يحل لنا منها» ؟ فنزلت: يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ قال سعيد:
يعني الذبائح الحلال الطيبة لهم وقال مقاتل: ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه، وهو الحلال من الرزق. وقد سئل الزهريّ عن شرب البول للتداوي؟ فقال: ليس هو من الطيبات، رواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن وهب: سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس؟ فقال: ليس هو من الطيبات. وروى ابن أبي حاتم في سبب نزولها أثرا آخر،
عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب فقتلت، فجاء الناس فقالوا: يا رسول الله! ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها، فسكت. فأنزل الله: يَسْئَلُونَكَ الآية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أرسل الرجل كلبه وسمى فأمسك عليه، فليأكل مما لم يأكل.
وعند ابن جرير «١» عن أبي رافع قال: «جاء جبريل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ليستأذن