الصفات أو كثير منها أو أكثرها أو كلها، أنها تماثل صفات المخلوقين. ثم يريد نفي ذلك الذي فهمه فيقع في أربعة أنواع من المحاذير: أحدها كونه مثّل ما فهمه من النصوص لصفات المخلوقين. وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل. الثاني أنه إذ جعل ذلك هو مفهومها وعطّله فبقيت النصوص معطلة. عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله فيبقى مع جناية على النصوص، وظنه السّيئ الذي ظنه بالله ورسوله، حيث خلاف الذي يفهم من كلامهما، من إثبات صفات الله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى. الثالث: أنه ينفي تلك الصفات عن الله بغير دليل.
فيكون معطّلا عما يستحقه الرب تبارك وتعالى. الرابع: أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الموات والجمادات وصفات المعدومات. فيكون قد عطل صفات الكمال التي يستحقها الرب. ومثّله بالمنقوصات والمعدومات. وعطّل النصوص عما دلت عليه من الصفات. وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات.
فيجمع في الله وفي كلام الله بين التعطيل والتمثيل. سبحانه وتعالى عما يقول الظّالمون علوّا كبيرا. أفاده الإمام ابن تيمية. عليه الرحمة، في القاعدة التدمرية.
وَلِلْكافِرِينَ أي لهم. والإظهار في موضع الإضمار للإشعار بعلّية كفرهم لما حاق بهم عَذابٌ مُهِينٌ يراد به إهانتهم. أي إذلالهم. فإن كفرهم، لما كان سببه البغي والحسد، ومنشأ ذلك التكبر، قوبلوا بالإهانة والصغار في الآخرة كما قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غافر: ٦٠] أي صاغرين حقيرين.
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أي لليهود آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ على محمد صلّى الله عليه وسلّم وصدّقوه واتبعوه قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا من التوراة، ولا نقرّ إلا بها وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ حال من ضمير «قالوا» بتقدير مبتدأ. أي قالوا ما قالوا وهم يكفرون بما بعده وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ منها غير مخالف له. وفيه ردّ لمقالتهم. لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها قُلْ تبكيتا لهم ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي إن كنتم صادقين في دعواكم