قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ أي ما خلق لكم من حرث وأنعام فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا أي أنزله تعالى رزقا حلالا كله، فبغضتموه، وقلتم: هذا حلال وهذا حرام، كقولهم: هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ [الأنعام: ١٣٨] ، ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا [الأنعام: ١٣٩] ، قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ في الحكم بالتحريم والتحليل، فأنتم تفعلون ذلك بإذنه أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ أي تختلقون الكذب، ثم بين وعيد هذا الافتراء بقوله:
وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي فيما فعل بهم، وهو يوم الجزاء بالإحسان والإساءة، وهو وعيد عظيم، حيث أبهم أمره إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ في إنزال الوحي وتعليم الحلال والحرام وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ أي هذه النعمة، فيستعملون ما وهب إليهم من الاستعداد والعلوم في مطالب النفس الخسيسة ولا يتبعون ما هدوا إليه.
وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ أي أمر ما وَما تَتْلُوا مِنْهُ أي التنزيل مِنْ قُرْآنٍ أي سورة أو آية وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ أي تخوضون