للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول- قال المفسرون: كلمة (عسى) من الله واجب، والدليل عليه قوله تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ، وفعل ذلك، وتحقيق القول فيه أن القرآن نزل على عرف الناس في الكلام، والسلطان العظيم إذا التمس المحتاج منه شيئا، فإنه لا يجيب إليه إلا على سبيل الترجي مع كلمة (عسى) أو (لعل) تنبيها على أنه ليس لأحد أن يلزمني شيئا، وأن يكلفني بشيء، بل كل ما أفعله فإنما أفعله على سبيل التفضل والتطوّل، فذكر كلمة (عسى) ، الفائدة فيه هذا المعنى، مع أنه يفيد القطع بالإجابة.

الوجه الثاني: أن المقصود بيان أنه يجب أن يكون المكلف على الطمع والإشفاق، لأنه أبعد من الاتكال والإهمال.

الخامس- قال القاشاني: الاعتراف بالذنب هو إبقاء نور الاستعداد، ولين الشكيمة، وعدم رسوخ ملكة الذنب فيه، لأنه ملك الرجوع والتوبة، ودليل رؤية قبح الذنب التي لا تكون إلا بنور البصيرة، وانفتاح عين القلب، إذ لو ارتكمت الظلمة ورسخت الرذيلة، ما استقبحه، ولم يره ذنبا، بل رآه فعلا حسنا، لمناسبته لحاله، فإذا عرف أنه ذنب. ففيه خير.

ثم أمر تعالى رسوله صلوات الله عليه أن يأخذ من أموالهم التي تقدموا إليه، أن يتصدق بها عنهم كفارة لذنوبهم، كما تقدم في الروايات قبل، بقوله عزّ وجلّ:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ١٠٣]]

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣)

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ أي بعضها صَدَقَةً قال المهايمي: لتصدق توبتهم إذ تُطَهِّرُهُمْ أي عما تلطخوا به من أوضار التخلف. وعن حب المال الذي كان التخلف بسببه وَتُزَكِّيهِمْ بِها أي عن سائر الأخلاق الذميمة التي حصلت عن المال. قال الزمخشري: التزكية مبالغة في التطهير وزيادة فيه، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أي واعطف عليهم بالدعاء لهم وترحّم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أي تسكن نفوسهم إليها، وتطمئن قلوبهم بها، ويثقون بأنه سبحانه قبل توبتهم.

وقال قتادة: (سكن) أي: وقار. وقال ابن عباس: رحمة لهم..

وقد روى

<<  <  ج: ص:  >  >>