الرابع- قوله:(ويوم حنين) ، قيل: منصوب بمضمر معطوف على (نصركم) أي ونصركم يوم حنين، واستظهر عطفه على محل (في مواطن) بحذف المضاف في أحدهما، أي ومواطن يوم حنين. أو في أيام مواطن كثيرة ويوم حنين.
قال أبو مسعود: ولعل التغيير للإيماء إلى ما وقع فيه من قلة الثبات من أول الأمر. انتهى.
قال الشهاب: فيكون عطف (يوم حنين) على منوال (ملائكته وجبريل) كأنه قيل: نصركم الله في أوقات كثيرة، وفي وقت إعجابكم بكثرتكم. ولا يرد عليه ما قيل إن المقام لا يساعد عليه، لأنه غير وارد، لتفضيل بعض الوقائع على بعض. ولم يذكر المواطن توطئة ليوم حنين كالملائكة، إذ ليس يوم حنين بأفضل من يوم بدر، وهو فتح الفتوح، وسيد الوقعات، وبه نالوا القدح المعلى، والدرجات العلى، لأن القصد في مثله إلى أن ذلك الفرد فيه من المزية ما صيّره مغايرا لجنسه. لأن المزية ليس المراد بها الشرف، وكثرة الثواب فقط، حتى يتوهم هذا. بل ما يشمل كون شأنه عجيبا، وما وقع فيه غريبا، للظفر بعد اليأس، والفرج بعد الشدة، إلى غير ذلك من المزايا. انتهى.
ثم أشار تعالى إلى أن موالاة المشركين، مع عدم إفادتها التقوية المحصلة للنصر، تضر بسريان نجاسة بواطنهم إلى بواطن المؤمنين الطاهرة، فقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أي المطهرة بواطنهم بالإيمان إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ أي ذوو نجس، لأن معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس، فهو مجاز عن خبث الباطن، وفساد العقيدة، مستعار لذلك. أو هو حقيقة، لأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون، ولا يجتنبون النجاسات، فهي ملابسة لهم، أو جعلوا كأنهم النجاسة بعينها، مبالغة في وصفهم بها. فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ أي لحج أو عمرة كما كانوا يفعلون في الجاهلية. قال المهايمي: لأن المسجد الحرام يجتمع فيه المتفرّقون في الأرض، ليسري صفاء القلوب من بعض إلى بعض، وهاهنا يخاف سريان الظلمات