سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ أي منتظر لهلاككم. وفي زيادة (معكم) إظهار منه عليه السلام لكمال الوثوق بأمره.
قال الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين إدخال الفاء ونزعها في سَوْفَ تَعْلَمُونَ؟ قلت: إدخال الفاء وصل ظاهر بحرف موضوع للوصل، ونزعها وصل خفي تقديري بالاستئناف الذي هو جواب لسؤال مقدر، كأنهم قالوا: فما يكون إذا عملنا نحن على مكانتنا، وعلمت أنت؟ فقال: سوف تعلمون! فوصل تارة بالفاء، وتارة بالاستئناف، للتفنن في البلاغة، كم هو عادة بلغاء العرب، وأقوى الوصلين وأبلغهما الاستئناف. للإشعار بأنه مما يسأل عنه، ويعتني به، ولذا كان أبلغ في التهويل.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٩٤]]
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤)
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا إنما ذكره بالواو، كما في قصة عاد، إذ لم يسبقه ذكر وعد يجري مجرى السبب له بخلاف قصتي صالح ولوط، فإنه ذكر بعد الوعد، وذلك قوله: وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ [هود: ٦٥] ، وقوله: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ [هود: ٨١] ، فلذلك جاء بفاء السببية. أفاده القاضي.
وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ أي بالعذاب فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ أي ميتين.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٩٥]]
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا أي يقيموا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ شبههم بهم، لأن عذابهم كان أيضا بالصيحة، وكانوا قريبا منهم في المنزل، نظراءهم في الكفر، وقطع الطريق، وكانوا أعرابا مثلهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٩٦]]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أي التسع وَسُلْطانٍ مُبِينٍ وهو العصا. وكانت