يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤)
يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بخفاياها، وما تنطوي عليه، وفيه تقرير لما قبله، كالدليل عليه، لأنه إذا علم السرائر، وخفيات الضمائر، لم يخف عليه خافية من جميع الكائنات.
قال الزمخشري: نبه بعلمه ما في السموات والأرض، ثم بعلمه ما يسرّه العباد ويعلنونه، ثم بعلمه ذوات الصدور، أن شيئا من الكليات والجزئيات غير خاف عليه، ولا عازب عنه فحقه أن ينقى ويحذر، ولا يجترأ على شيء مما يخالف رضاه، وتكرير العلم، في معنى تكرير الوعيد. وكل ما ذكره بعد قوله تعالى: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ كما ترى، في معنى الوعيد على الكفر، وإنكار أن يعصي الخالق، ولا تشكر نعمته. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التغابن (٦٤) : الآيات ٥ الى ٦]
أَلَمْ يَأْتِكُمْ أي معشر الكفرة الفجرة نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ أي كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ من عذاب الاستئصال. و (الوبال) الثقل، والشدة المترتبة على أمر من الأمور، وأَمْرِهِمْ كفرهم، عبر عنه بذلك، للإيذان بأنه أمر هائل، وجناية عظيمة وَلَهُمْ أي في الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا أي ذلك المذكور من ذوقهم وبال أمرهم في الدنيا، وما أعد لهم من عذاب الأخرى، بسبب أنه أتتهم رسلهم بالواضحات من الأدلة والأعلام، على حقيقة ما يدعونهم إليه، فنبذوها، واتبعوا أهواءهم، واستهزءوا برسلهم، وقالوا: أبشر يهدوننا؟
قال ابن جرير: استكبارا منهم أن تكون رسل الله إليهم بشرا مثلهم، واستكبارا عن اتباع الحق من أجل أن بشرا مثلهم دعاهم إليه. وجمع الخبر عن البشر فقيل يَهْدُونَنا، ولم يقل (يهدينا) ، لأن (البشر) وإن كان في لفظ الواحد، فإنه بمعنى الجميع. انتهى.