توسعا، مفعولا به. أي: أأرباب شتى تستعبد الناس خير لهم، أم أن يكون لهم رب واحد قهار لا يغالب؟
قال بعضهم: دلت الآية على أن الشرع كما جاء مطالبا بالاعتقاد، جاء هاديا لوجه الحسن فيه. وذلك أن هذه الآية تشير إشارة واضحة إلى أن تفرّق الآلهة يفرّق بين البشر في وجهة قلوبهم إلى أعظم سلطان يتخذونه فوق قوتهم. وهو يذهب بكل فريق إلى التعصب لما وجه قلبه إليه، وفي ذلك فساد نظامهم كما لا يخفى. أما اعتقاد جميعهم بإله واحد، فهو توحيد لمنازع نفوسهم إلى سلطان واحد، يخضع الجميع لحكمه، وفي ذلك نظام أخوّتهم، وهي قاعدة سعادتهم فالشرع جاء مبينا للواقع في أن معرفة الله بصفاته حسنة في نفسها، فهو ليس محدث الحسن. انتهى.
وفي قوله: أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ إشارة إلى ما كان عليه أهل مصر لعهده عليه السلام، من عبادة أصنام شتى.
يقول بعضهم: كما أن مصر كانت تغلبت في العلوم والسلطة، كذلك في عبادة الأصنام، فإن أهلها فاقوا كل من سواهم في الضلال. فكانوا يسجدون للشمس وللقمر والنجوم والأشخاص البشرية والحيوانات، حتى الهوامّ وأدنى حشرات الأرض.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٤٠]]
ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ أي من دون الله إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ يعني أنكم سميتم، ما لا يستحق الإلهية، آلهة، ثم طفقتم تعبدونها، فكأنكم لا تعبدون إلا أسماء فارغة لا مسميات تحتها ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي حجة تدل على صحتها إِنِ الْحُكْمُ أي في أمر العبادة والدين إِلَّا لِلَّهِ لأنه مالك، وهو لم يحكم بعبادتها، لأنه أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ لأن العبادة غاية التذلل، فلا يستحقها إلا من له غاية العظمة، ذلِكَ أي التوحيد الدال على كمال عظمة الله، بحيث لا يشاركه فيها غيره الدِّينُ الْقَيِّمُ أي الحق المستقيم الثابت، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أي لجهلهم، ولذا كان أكثرهم مشركين.