للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخة إلا مبدلة. وهذا مما يحيله العقل. قالوا: وقد قال الله لنبيه قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالوا: وقد اتفقوا على ترك فريضة الرجم. ولم يمكنهم تغييرها من التوراة. ولذا لما قرءوها على النبيّ صلى الله عليه وسلم وضع القارئ يده على آية الرجم.

فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك فرفعها فإذا هي تلوح تحتها. وتوسطت طائفة فقالوا: قد زيد فيها وغيّر أشياء يسيرة جدا. واختاره شيخنا في (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) قال: وهذا كما في التوراة عندهم: إن الله سبحانه قال لإبراهيم: اذبح ابنك بكرك أو وحيدك، إسحاق. ثم قال: قلت والزيادة باطلة من وجوه عشرة. ثم ساقها فارجع إليه. وقد نقلها عنه هنا الإمام صدّيق خان. فانظره في تفسيره (فتح الرحمن) .

[لطيفة:]

قال الزمخشريّ: فإن قلت: كيف قيل هاهنا عَنْ مَواضِعِهِ وفي المائدة مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ؟ قلت: أما عَنْ مَواضِعِهِ فعلى ما فسرنا من إزالته عن مواضعه التي أوجبت حكمة الله وضعه فيها، بما اقتضت شهواتهم من إبدال غيره مكانه. وأما مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ فالمعنى أنه كانت له مواضع، هو قمن بأن يكون فيها. فحين حرفوه تركوه كالغريب الذي لا موضع له بعد مواضعه ومقارّه. والمعنيان متقاربان.

وقال الرازي: ذكر الله تعالى هاهنا عَنْ مَواضِعِهِ وفي المائدة مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ والفرق: أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة، فههنا قوله يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ معناه أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص. وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب. وأما الآية المذكورة في سورة المائدة، فهي دالة على أنهم جمعوا بين الأمرين. فكانوا يذكرون التأويلات الفاسدة وكانوا يخرجون اللفظ أيضا من الكتاب. فقوله يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ إشارة إلى التأويل الباطل.

وقوله مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ إشارة إلى إخراجه عن الكتاب.

وقال الناصر في (الانتصاف) : الظاهر أن الكلم المحرف إنما أريد به، في هذه الصورة مثل غَيْرَ مُسْمَعٍ وراعِنا ولم يقصد هاهنا تبديل الأحكام. وتوسطها بين الكلمتين، بين قوله يُحَرِّفُونَ وبين قوله لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ والمراد أيضا تحريف مشاهد بيّن على أن المحرف هما وأمثالهما. وأما في سورة المائدة فالظاهر، والله أعلم، أن المراد فيها ب الْكَلِمَ الأحكام. وتحريفها تبديلها. كتبديلهم الرجم بالجلد. ألا تراه عقبه بقوله يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>