للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل الله، وإنما أفرد بالذكر تنبيها على خصوصيته، مع أنه مجرد من الحرفين جميعا، وعطفه على المجرور (باللام) ممكن، ولكنه على القريب منه أقرب. والله أعلم. ثم قال: وكان جدي أبو العباس أحمد بن فارس الفقيه استنبط من تغاير الحرفين المذكورين وجها في الاستدلال لمالك، رحمه الله، على أن الغرض بيان المصرف و (اللام) لذلك لام الملك، فيقول: متعلق الجارّ الواقع خبرا عن الصدقات محذوف، فيتعين تقديره، فإما أن يكون التقدير: إنما الصدقات مصروفة للفقراء، كقول مالك، أو مملوكة للفقراء، كقول الشافعي، لكن الأول متعين لأنه تقدير يكتفي به في الحرفين جميعا، يصح تعلق (اللام) به و (في) معا، فيصح أن نقول:

هذا الشيء مصروف في كذا ولكذا، بخلاف تقديره مملوكة، فإنه إنما يلتئم مع اللام، وعند الانتهاء إلى (في) يحتاج إلى تقدير: مصروفة ليلتئم بها. فتقديره من (اللام) عامّ التعلق، شامل الصحة، متعين، والله الموفق. انتهى.

السادس- قال الزمخشري: فإن قلت: فكيف وقعت هذه الآية في تضاعيف ذكر المنافقين ومكايدهم؟ قلت: دلّ بكون هذه الأصناف مصارف الصدقات خاصة دون غيرهم على أنهم ليسوا منهم حسما لأطماعهم، وإشعارا باستيجابهم الحرمان، وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها. فما لهم وما لها، وما سلطهم على التكلم فيها، ولمز قاسمها صلوات الله عليه وسلامه. انتهى.

وتقدم بيانه أيضا.

وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٦١]]

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١)

وَمِنْهُمُ أي من الذين يحلفون بالله إنهم لمنكم، من هو أشدّ من اللامز في الصدقات إذ هم الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ أي يسمع كل ما يقال له ويصدقه، ويعنون إنه ليس بعيد الغور، بل سريع الاغترار بكل ما يسمع.

قال أبو السعود: وإنما قالوه لأنه صلوات الله عليه كان لا يواجههم بسوء ما صنعوا، ويصفح عنهم حلما وكرما، فحملوه على سلامة القلب، وقالوا ما قالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>