دون أذى الشمس. وقد دلت الآية على أن باب ذلك الكهف كان مفتوحا إلى جانب الشمال. فإذا طلعت الشمس كانت على يمين الكهف. وإذا غربت كانت على شماله. فيقع شعاعها على جانبيه. يحلل عفونته ويعدل هواءه. ولا يقع عليهم فيؤذيهم. قال الشهاب:(تقرضهم) من القرض بمعنى القطع. أي قطع الاتصال بهم لئلا تغبر أبدانهم. قول الفارسي إنه من قرض الدراهم، والمعنى أنها تعطيهم من تسخينها شيئا ثم يزول بسرعة كالقرض المسترد- مردود، بأنه لم يسمع له ثلاثي.
وفي (الروض الآنف) تقرضهم كناية عن تعدل بهم. وقيل: تتجاوزهم شيئا.
من (القرض) وهو القطع. أي تقطع ما هنالك من الأرض. وقوله تعالى ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ أي إرشادهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء، وشعاع الشمس والريح تدخل عليهم فيه، لتبقى أبدانهم، آية من آياته الدالة على عنايته وتوفيقه للمخلصين مَنْ يَهْدِ اللَّهُ أي إلى الحق بالتوفيق له فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ أي يخلق فيه الضلال لصرف اختياره إليه فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا أي ناصرا يلي أمره فيحفظه من الضلال مُرْشِداً أي يهديه إلى ما ذكر.
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ خطاب لكل أحد. أي تظنهم، يا مخاطب، أيقاظا لانفتاح أعينهم، وهم رقود مستغرقون في النوم، بحيث لا ينبههم الصوت.
قال ابن كثير: ذكر بعض أهل العلم أنهم لما ضرب الله على آذانهم بالنوم لم تنطبق أعينهم لئلا يسرع إليها البلى. فإذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبقى لها. وقد ذكر عن الذئب أنه ينام فيطبق عينا ويفتح عينا. ثم يفتح هذه ويطبق هذه وهو راقد. كما قال الشاعر:
ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي ... بأخرى الرزايا فهو يقظان نائم
وأَيْقاظاً جمع يقظ ويقظان. ورُقُودٌ جمع راقد. وما قيل إنه مصدر أطلق على الفاعل واستوى فيه القليل والكثير كركوع وقعود، لأن فاعلا لا يجمع على فعول- مردود بما نص عليه النحاة كما صرّح به في (المفصّل) و (التسهيل) .