أعم، إلا أن المراد بها ما يشمل الرسالة، لأن المذكورين رسل. انتهى.
فَإِنْ يَكْفُرْ بِها أي: بهذه الثلاثة، هؤُلاءِ يعني: قريشا، فإنهم بكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه من القرآن، كافرون بما يصدقه جميعا، فَقَدْ وَكَّلْنا بِها أي: وفقنا للإيمان بها، قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ وهم الأنبياء عليهم السلام، المذكورين وأتباعهم. أو أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم- وهو الأظهر- في مقابلة كفار قريش.
أي: فإن في إيمانهم غنية عن إيمان الكفرة بها. وفي التكنية عن توفيقهم للإيمان بها، بالتوكيل الذي أصله الحفظ للشيء، ومراعاته- إيذان بفخامتها وعلوّها، وأنه مما ينبغي أن يقدر قدرها قياما بحق الوكالة، وعهد الاستحفاظ.
قال الرازي: دلت هذه الآية على أنه تعالى سينصر نبيه، ويقوي دينه، ويجعله مستعليا على كل من عاداه، قاهرا لكل من نازعه. وقد وقع هذا الذي أخبر الله تعالى عنه في هذا الموضع. فكان جاريا مجرى الإخبار عن الغيب، فيكون معجزا.
أُولئِكَ إشارة إلى الأنبياء المذكورين الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ أي: إلى الصراط المستقيم فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ أي: بطريقتهم في الإيمان بالله بالله وتوحيده، والأخلاق الحميدة، والأفعال المرضية، والصفات الرفيعة، اعمل.
[تنبيهات:]
الأول- استدل بهذه الآية من قال: إن شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد ناسخ.
الثاني- استدل بها ابن عباس رضي الله عنه على استحباب السجدة في (ص) ، لأن داود عليه السلام سجدها،
رواه البخاري وغيره- ولفظ البخاري «١» : عن العوّام، قال: سألت مجاهدا عن سجدة (ص) ، فقال: سألت ابن عباس: من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ.. أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فكان داود ممن أمر نبيّكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به، فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(١) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٣٨- سورة ص، ١- حدثنا محمد بن بشار. [.....]