تنبيه على أن الواجب على العبد أن يكون انتفاعه بذلك من حيث التذكر والاستبصار، أهم من تمتعه به من حيث الرزق. وقيل: رِزْقاً مصدر من معنى أَنْبَتْنا، لأن الإنبات رزق. وَأَحْيَيْنا بِهِ أي بذلك الماء بَلْدَةً مَيْتاً أي أرضا جدبة، فأنبتت أنواع النبات والأزهار. كَذلِكَ الْخُرُوجُ أي خروجهم أحياء من القبور. شبه بعث الأموات ونشرهم، بقدرته تعالى بإخراج النبات من الأرض، بعد وقوع المطر عليها، ف كَذلِكَ خبر الْخُرُوجُ. أو مبتدأ فالكاف بمعنى (مثل) .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (٥٠) : الآيات ١٢ الى ١٤]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أي قبل قريش قَوْمُ نُوحٍ قال أبو السعود: استئناف وارد لتقرير حقية البعث، ببيان اتفاق كافة الرسل عليهم السلام عليها، وتعذيب منكريها.
وَأَصْحابُ الرَّسِّ وهو بئر كانوا عنده. يقال إنهم قوم شعيب عليه السلام. ويقال غير ذلك، كما تقدم في سورة الفرقان. وَثَمُودُ وهم الذين جادلوا صالحا، وقتلوا الناقة. وَعادٌ وهم الذين جادلوا هودا في أصنامهم. وَفِرْعَوْنُ وهو الذي جادل موسى فيما أرسل به. قال الرازي: ولم يقل (وقوم فرعون) لأن فرعون كان هو المغترّ المستخف بقومه، والمستبد بأمره. وَإِخْوانُ لُوطٍ وهم الذين جادلوا في إتيان الرجال. وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أي الغيضة من الشجر، المجادلون شعيبا في الكيل والوزن. وَقَوْمُ تُبَّعٍ قال المهايمي: المجادلون إمامهم وعلماءهم في الدين. ومضى الكلام على ذلك في الحجر والدخان. كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ أي كل من هذه الأمم، وهؤلاء القرون، كذبوا رسولهم، ومن كذب رسولا، فكأنما كذب جميع الرسل، كقوله تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء: ١٠٥] ، وإنما جاءهم رسول واحد، فهم في نفس الأمر، لو جاءهم جميع الرسل كذبوهم- أفاده ابن كثير- وهو توجيه لجمع الرسل. وإفراد ضمير كَذَّبَ مراعاة للفظ كُلٌّ فإنه مفرد وإن كان جمعا معنى. فَحَقَّ وَعِيدِ أي فوجب لهم الوعيد الذي وعد به من كفر، وهو العذاب والنقمة.
قال ابن جرير: إنما وصف تعالى في هذه الآية ما وصف من إحلاله عقوبته بهؤلاء المكذبين الرسل، ترهيبا منه بذلك مشركي قريش، وإعلاما منه لهم أنهم إن