وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أمر بالإنفاق في سائر وجوه القربات والطاعات. ومن أهمها: صرف الأموال في قتال الأعداء، وبذلها فيما يقوى به المسلمون على عدوّهم.
وقوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ أي: ما يؤدي إلى الهلاك أي: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى الهلاك، وذلك بالتعرض لما تستوخم عاقبته، جهلا به.
وقال الراغب: وللآية تأويلان بنظرين أحدهما: إنه نهي عن الإسراف في الإنفاق، وعن التهوّر في الإقدام، والثاني: إنه نهي عن البخل بالمال، وعن القعود عن الجهاد. وكلا المعنيين يراد بها. فالإنسان، كما أنه منهيّ عن الإسراف في الإنفاق، والتهور في الإقدام، فهو منهي عن البخل والإحجام عن الجهاد، ولهذا قال تعالى:
ولمّا كان أمر الإنفاق أخصّ بالأنصار الذين كانوا أهل الأموال، لتجرد المهاجرين عنها، وقد اشتهر في هذه الآية حديث أبي أيوب الأنصاري، رواه أبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ وابن حبان في (صحيحه) ، والحاكم في (مستدركه) وغيرهم ... ولفظ الترمذيّ «١» : عن أسلم أبي عمران قال: كنا بمدينة الروم.
فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر. وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد. فحمل رجل من المسلمين على صفّ الروم حتى دخل عليهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله! يلقي بيديه إلى
(١) أخرجه الترمذيّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ١٩- حدثنا عبد بن حميد.