وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ أي فريق مؤمن وفريق كافر. يختصمون خصومة لا يرجع فيها المبطل إلى الحق بعد ما تبين له. كقوله تعالى: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ، قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ [الأعراف: ٧٥- ٧٦] ، قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ أي بالعقوبة السيئة قبل التوبة الحسنة. أي لم تدعون بحضور العقوبة ولا تطلبون من الله رحمته بالإيمان لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قالُوا اطَّيَّرْنا أي تطيرنا أي تشاءمنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ أي من المؤمنين.
وقد كانوا، لشقائهم، إذا أصيبوا بسوء قالوا: هذا من قبل صالح وصحبه قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي سبيلكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله. وهو قدره وقسمته، إن شاء رزقكم وإن شاء حرمكم. قاله الزمخشريّ.
قال الشهاب: لما كان المسافر من العرب إذا خرج مرّ به طائر سانحا، وهو ما وليه بميسرته، أو بارحا وهو ما وليه بميمنته- تيمنوا بالأول وتشاءموا بالثاني.
ونسبوا الخير والشر إلى الطائر. ثم استعير لما كان سببهما من قدر الله وقسمته. أو من عمل العبد الذي هو سبب الرحمة والنقمة. ومنه (طائر الله، لا طائرك) بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ أي مفتونون بضلالكم وكفركم. لا ترون حسنا إلا ما يوافق هواكم، ولا شؤما إلا يخالفه. ثم أخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤسائهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر، وتكذيب صالح عليه السلام، وما آل بهم الأمر، بقوله سبحانه: