كناية عن النفي والعدم. ونصب (قليلا) على أنه نعت لمصدر، أو زمان مقدر. أي إيمانا وزمانا. والناصب (تؤمنون) أو (تذكّرون) . و (ما) زائدة- هذا ما قاله ابن عادل- وقال ابن عطية: يحتمل أن تكون نافية ومصدرية.
وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ أي كما تدعون أخرى بأنه من سجع الكهان قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أي تتعظون وتعتبرون. قيل: نفى الإيمان في الأول، والذكرى في الثاني، لأن عدم مشابهة القرآن للشعر أمر بيّن، لا ينكره إلا معاند. فلا عذر لقائله في ترك الإيمان، وهو أكفر من حمار. وأما مباينته للكهانة، فيتوقف على تذكّر ما، لأن الكاهن يأخذ جعلا، ويجيب عما سئل عنه ويتكلف السجع، ويكذب كثيرا، وإن التبس على الحمقى لإخباره عن بعض المغيبات بكلام منثور، فتأمّل.
تَنْزِيلٌ أي هو تنزيل مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أي ممن ربّاهم بصنوف نعمه، ومنها ما نزله وأوحاه ليهتدوا به إلى سبل السعادة، ومناهج الفلاح.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٤٤ الى ٤٧]
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ أي افترى علينا. وسمى الكذب تقوّلا، لأنه قول متكلف، كما تشعر به صيغة التفعّل. والْأَقاوِيلِ إما جمع (قول) على غير القياس، أو جمع الجمع كالأناعيم، جمع أقوال وأنعام. قيل: تسمية الأقوال المفتراة (أقاويل) تحقيرا لها، كأنها جمع أفعولة من القول، كالأضاحيك.
لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ قال ابن جرير: أي لأخذنا منه بالقوة منا والقدرة، ثم لقطعنا منه نياط القلب. وإنما يعني بذلك أنه كان يعاجله بالعقوبة، ولا يؤخّره بها. وقد قيل: إن معنى قوله لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه. قال: وإنما ذلك كقول ذي السلطان إذا أراد الاستخفاف ببعض من بين يديه لبعض أعوانه: خذ بيده، فأقمه، وافعل به كذا وكذا: قالوا: وكذلك معنى قوله لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أي لأهنّاه. كالذي يفعل بالذي وصفنا حاله. انتهى.
وقال الزمخشريّ: المعنى لو ادّعى علينا شيئا لم نقله لقتلناه صبرا، كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم، معاجلة بالسخط والانتقام. فصوّر قتل الصبر بصورته ليكون أهول. وهو أن يؤخذ بيده، وتضرب رقبته. وخص اليمين عن اليسار، لأن