للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلف والتابعين. فانظره فإنه نفيس.

ثم نهى تعالى عن الحاسد وعن تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض من المال ونحوه، مما يجري فيه التنافس بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٣٢]]

وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٣٢)

وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا أي أصابوا وأحرزوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ أي أصبن وأحرزن. أي لكل فريق نصيب مما اكتسب في نعيم الدنيا قبضا أو بسطا، فينبغي أن يرضى بما قسم الله له.

وقد روى الإمام أحمد عن مجاهد أن أم سلمة قالت: يا رسول الله يغزو الرجال ولا يغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا الآية. ورواه الترمذي «١» وقال: غريب. ورواه الحاكم في مستدركه وزاد: ثم أنزل الله: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى [آل عمران: ١٩٥] . الآية فإن صح هذا فالمعنى: لكل أحد قدر من الثواب يستحقه بكرم الله ولطفه. فلا تتمنوا خلاف ذلك. ولا مانع من شمول الآية لما يتعلق بأحوال الدنيا والآخرة. فإن اللفظ محتمل.

ولا منافاة. والله أعلم وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أي من خزائن نعمه التي لا نفاد لها.

وقد روي الترمذي «٢» وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فضله. فإن الله عز وجل يحب يسأل» . وأفضل العبادة انتظار الفرج.

إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ولذلك جعل الناس على طبقات رفع بعضهم على بعض درجات حسب مراتب استعداداتهم الفائضة عليهم بموجب المشيئة المبنية على الحكم الأبية. قاله أبو السعود.


(١) أخرجه الترمذيّ في: التفسير، ٤- سورة النساء، ٨- حدثنا ابن أبي عمر.
(٢) أخرجه الترمذيّ في: الدعوات، ١١٥- باب في انتظار الفرج وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>