فسد من آدابها وعوائدها، بإلهام، فإن نسخة التوراة الأصلية، وبقية أسفارهم، فقدت لما أغار أهل بابل، جند (بخت نصّر) على بيت المقدس، وهدموه، وسبوا أهله إلى مملكتهم بابل، وأقاموا هناك سبعين سنة، ثم لما نبغ فيهم (عزير) واشتهر، واستعطف أحد ملوكهم في سراحهم، فأطلق له الملك الإجازة، فعاد من بابل بمن بقي من اليهود إلى بيت المقدس، وجدد ما اندثر من الشريعة الموسوية.
قال بعض الكتابيين في قاموس له: زعم اليهود أن أئمتهم عقدوا مجمعا في عهد (عزرا) ، وجمعوا الأسفار العبرانية في قانون متعارف عندهم اليوم، وضموا إليه ما لم يكن فيه من قبل جلاء بابل.
وفي (الذخيرة) من كتبهم ما نصه: أجمع القوم على أن (عزرا) الذي كان خبيرا بآثار وطنه وقدمها، وماهرا بمعرفة الطقوس اليهودية، وبارعا بالعلوم المقدسة، هو أول من قرر هذا القانون، وأثبت أجزاءه المختلفة، بعد الأسر البابلي في نحو السنة ٥٤٣ قبل ميلاد المسيح، ولما تفرقت التوراة آن الجلاء، قام (عزرا) وجمع ما وجد من النسخ المتناثرة، وألف منها نسخة صححها ونقحها ما استطاع، وبدل أسماء الأماكن التي انتسخ ثمّ استعمالها، بأسماء أخرى أشهر في عرفهم، ونسق الكل نسقا محكما، واتفق الجميع على أنه اعتاض في كل الأسفار عن حروف الخط العبراني بحروف كلدانية، ألف استعمالها اليهود مدة أسرهم الذي استمر سبعين سنة. انتهى.
فلهذا العمل المهم عندهم دعوه (ابنا) . وفيه من الجراءة على المقام الرباني ما فيه. ولو زعموا إرادة المجاز في ذلك، فلا مناص لهم من لحوق الكفر بهم، فإنه يجب الاحتياط في تنزيهه تعالى، حتى بعفة اللسان، عن النطق بما يوهم نقصا في جانبه، فيتبرأ من مثل هذا اللفظ مطلقا ومن كل ما شاكله. هذا وقد قيل إن القائل لذلك بعض من متقدميهم، وقيل ناس من أهل المدينة في عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا دلالة في الآية على واحد منهما بخصوصه، ونسبة الشيء القبيح إذا صدر من بعض القوم إلى الكل، مما شاع.
[لطيفة:]
قرئ (عزير) بالتنوين على الأصل، لأنه منصرف، وقرئ بحذفه لالتقاء الساكنين على غير القياس، لا لأنه أعجمي غير منصرف للعلمية والعجمية، كما قيل، لأن ذلك إنما يصح لو كان على لفظه الأصلي، وهو (عزراء) أو (عزريا) ،