ما ذكرناه عن ابن جبير من حمل الآية على المعنيين، أي: أن حرف الجر المقدّر مع (أن) هو (عن) و (في) ، وأن كلا منهما مراد منها على سبيل البدل لصلاحيتها لهما بالاعتبارين المتقدمين. قال الخفاجيّ: مثله لا يعدّ لبسا بل إجمالا.
كما ذكره بعض المحققين. انتهى.
قلت: وهذا بناء على أن اللبس هو أن يدل اللفظ على غير المراد. والإجمال أن لا تتضح الدلالة. وبعبارة أخرى: إيراد الكلام على وجه يحتمل أمورا متعددة. وقد نظم بعضهم الفرق بينهما فقال:
والفرق بين اللّبس والإجمال ... مما به يهتمّ في الأقوال
فاللفظ، إن أفهم غير القصد، ... فاحكم على استعماله بالرد
لأنه اللّبس. وأما المجمل ... فربما يفهمه من يعقل
وذاك أن لا تفهم المخالفا ... ولا سواه بل تصير واقفا
وحكمه القبول في الموارد ... فاحفظه نظما أعظم الفوائد
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ عطف (على يتامى النساء) . وما يتلى في حقهم: قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ ... إلخ. وقد كانوا في الجاهلية لا يورثونهم كما لا يورثون النساء. وإنما يورثون الرجال القوّام. قال ابن عباس، في الآية: كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات. وذلك قوله لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ فنهى الله عن ذلك. وبيّن لكل ذي سهم سهمه.
فقال لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ صغيرا أو كبيرا. وكذا قال سعيد بن جبير وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ بالجر، عطف على ما قبله. وما يتلى في حقهم: قوله تعالى وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ [النساء: ٢] ونحو ذلك مما لا يكاد يحصر. قال سعيد بن جبير: المعنى: كما أنها إذا كانت ذات جمال ومال نكحتها واستأثرت بها، كذلك إذا لم تكن ذات مال وجمال، فانكحها واستأثر بها. والخطاب للولاة، أو للأولياء والأوصياء.
[تنبيه:]
استنبط من الآية أحكام: الأول- جواز نكاح الصغيرة. لأن اليتيم: الصغير