لأوامره ونواهيه، خوف التقصير في الواجبات، والإقدام على المعاصي، والمستقبل يتغير حاله. انتهى.
وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ أي حججه وهي القرآن زادَتْهُمْ إِيماناً أي يقينا وطمأنينة نفس، إلى ما عندهم فإن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه، وأثبت لقدمه.
وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها، على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب، كما هو مذهب جمهور الأمة. بل قد حكى الإجماع عليه غير واحد، كالشافعيّ وأحمد بن حنبل وأبي عبيد وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أي لا يرجون سواه، ولا يخشون غيره، ولا يفوّضون أمورهم إلى غيره.
ولما ذكر تعالى، من أعمالهم الحسنة، أعمال القلوب من الخشية والإخلاص والتوكل، أعقبه بأعمال الجوارح من الصلاة والصدقة، بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٣]]
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ أي المفروضة بحدودها وأركانها، في أوقاتها.
والموصول نعت للموصول الأول، أو بيان له، أو منصوب على المدح.
وقوله وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ عامّ في الزكاة، وأنواع البر والقربات.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٤]]
أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)
أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا أي لا شك في إيمانهم. وحَقًّا صفة لمصدر محذوف، أي إيمانا حقّا أو مصدر مؤكد للجملة، أي حق ذلك حقّا، كقولك. هو عبد الله حقّا.
قال عمرة بن مرة (في هذه الآية) : إنما أنزل القرآن بلسان العرب، كقولك:
فلان سيّد حقّا، وفي القوم سادة. وفلان تاجر حقّا، وفي القوم تجار. وفلان شاعر حقّا، وفي القوم شعراء. انتهى.
وكأنه أراد الرد على من زعم أن (حقّا) من صلة قوله: لَهُمْ دَرَجاتٌ بعد، تأكيدا له، وأن الكلام تم عند قوله الْمُؤْمِنُونَ، فإن هذا الزعم يصان عنه أسلوب التنزيل الحكيم.