للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دهس الوادي، وأعانهم على السير. فنزل صلى الله عليه وسلم على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة، فقال له الحباب بن المنذر: الله أنزلك بهذا المنزل فلا نتحول عنه، أم قصدت الحرب والمكيدة؟

فقال صلى الله عليه وسلم: لا بل هو الرأي والحرب. فقال: يا رسول الله! ليس هذا بمنزل، وإنما نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله ونبني عليه حوضا، ونملؤه ونعوّر القلب كلها، فنكون قد منعناهم الماء، فاستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم بنوا عريشا على تل مشرف على المعركة يكون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه النصر من ربه، ومشى يريهم مصارع القوم واحدا واحدا. ولما نزل قريش مما يليهم بعثوا عمير بن وهب الجمحيّ يحزر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحزرهم وانصرف وخبرهم الخبر. ورام حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش، ولا يكون الحرب، فأبى أبو جهل، وساعده المشركون، وتواقفت الفئتان، وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف بيده، ورجع إلى العريش، ومعه أبو بكر وحده، وطفق يدعو ويلح، وأبو بكر يقاوله. ويقول في دعائه: اللهم! إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، اللهم! أنجز لي ما وعدتني.

وسعد بن معاذ وقوم معه من الأنصار على باب العريش يحمونه، وأخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انتبه،

فقال: أبشر يا أبا بكر! فقد أتى نصر الله.

ثم خرج يحرض الناس.

ورمى في وجوه القوم بحفنة من حصى وهو يقول: شاهت الوجوه.

ثم تزاحفوا.

فخرج عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد يطلبون البراز، فخرج إليهم عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب، فقتل حمزة وعليّ شيبة والوليد، وضرب عتبة عبيدة، فقطع رجله فمات، وجاء حمزة وعليّ إلى عتبة فقتلاه، وقد كان برز إليهم عوف ومعاذ ابنا عفراء وعبد الله بن رواحة من الأنصار فأبوا إلا قومهم.

وجال القوم جولة. فهزم المشركون. وقتل منهم يومئذ سبعون رجلا. وأسر سبعون.

واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا. ثم انجلت الحرب، وانصرف إلى المدينة، وقسم الغنائم في الصفراء، ودخل المدينة لثمان بقين من رمضان. وبسط القصة في السير. ومن أبدعها سياقا وفقها (زاد المعاد) فليرجع إليه.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٢٤]]

إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤)

إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ لتقويتكم ونصركم ودفع

<<  <  ج: ص:  >  >>