للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٦] وقوله: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ [سبأ: ٤٧] ، ولكن الاستثناء هنا منقطع، كما قال: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا [الفرقان: ٥٧] ، ولا ريب أن محبة أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم واجبة. لكن لم يثبت وجوبها بهذه الآية، ولا محبتهم أجر للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم. بل هو مما أمرنا الله به كما أمرنا بسائر العبادات.

وفي الصحيح «١» عنه أنه خطب أصحابه بغدير يدعى (خما) بين مكة والمدينة فقال (أذكركم الله في أهل بيتي)

وفي السنن «٢» عنه أنه قال (والذي نفسي بيده! لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي)

فمن جعل محبة أهل بيته أجرا له يوفيه إياه، فقد أخطأ خطأ عظيما. ولو كان أجرا له نثب عليه نحن، لأنا أعطيناه أجره الذي يستحقه بالرسالة. فهل يقول مسلم مثل هذا؟؟؟.

الوجه الثامن- إن (القربى) معرفة باللام. فلا بد أن يكون معروفا عند المخاطبين الذين أمر أن يقول لهم لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً وقد ذكر أنها لما نزلت، لم يكن قد خلق الحسن والحسين، ولا تزوج علىّ بفاطمة. فالقربى التي كان المخاطبون يعرفونها، يمتنع أن تكون هذه. بخلاف القربى التي بينه وبينهم، فإنها معروفة عندهم، كما تقول (لا أسألك إلا المودة في الرحم التي بيننا) وكما تقول (لا أسألك إلا العدل بيننا وبينكم) (ولا أسألك إلا أن تتقي الله في هذا الأمر) .

انتهى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً أي يكتسب طاعة نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أي بمضاعفته إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ أي لمن تاب وأناب شَكُورٌ لسعيهم بتضعيف جزاء حسناته.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٤]]

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤)

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أي بدعوى النبوة والوحي فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ قال ابن كثير: أي: لو افتريت عليه كذبا كما يزعم هؤلاء الجاهلون، يختم على قلبك أي: يطبع على قلبك ويسلبك ما كان آتاك من القرآن.

كقوله جل جلاله


(١) أخرجه مسلم في: فضائل الصحابة، حديث رقم ٣٦.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ٢٠٨، الحديث رقم ١٧٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>