وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ أي ولو نزلناه بنظمه البديع على بعض الأعاجم الذي لا يحسن العربية، فقرأه عليهم قراءة فصيحة، انفتق لسانه بها، خرقا للعادة، لكفروا به كما كفروا. ولتمحّلوا لجحودهم عذرا.
ولسموه سحرا، لفرط عنادهم كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ أي مكّنا هذا العناد والإباء عن الإيمان به، في قلوبهم وأنفسهم. وقررناه فيها لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ أي وهو ما هو، عياذا به منه أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ أي من طوال الأعمار وطيب المعايش وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ ذِكْرى أي رسل ينذرونهم لأجل الموعظة والتذكرة وَما كُنَّا ظالِمِينَ أي فنبغتهم بالعذاب قبل الإنذار، فإن ذلك محال في حكمة الحكم العدل.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢١٠ الى ٢١٣]
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ ردّ لما زعمه المشركون من أن التنزيل الكريم من قبيل ما تلقيه الشياطين على الكهنة، بعد تحقيق الحق ببيان أنه نزل به الروح الأمين. وقوله تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ أي الاستماع عن الملائكة لَمَعْزُولُونَ لانتفاء الاستعداد لقبول فيضان أنوار الحق عليهم، لخباثة نفوسهم بالذات، فهم مرجومون مبعدون عن الأنوار القدسية والبراهين السبوحية