السادس- قال بعضهم: أصل كلمة (عيسى) يسوع. فحرفه اليهود إلى (عيسو) تهكما فحوله العرب إلى (عيسى) تشبها باسم موسى. ولبدل الواو بالألف سبب مبنيّ على قواعد اللغة العبرانية، بل والعربية. انتهى.
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ أي اختلف قول أهل الكتاب في عيسى، بعد بيان أمره ووضوح حاله. وأنه عبده ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.
فأصرت اليهود منهم على بهت أمه وقرفه بالسحر. وانقسمت النصارى في أمره انقساما يفوت الحصر. وكله ضلال وشرك وكفر. وقد هدى الله الذين آمنوا لما اختلف فيه من الحق بإذنه. وهذا من فضله تعالى ومنّه فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ يعني بالذين كفروا، المختلفين. عبّر عنهم بالموصول إيذانا بكفرهم جميعا وإشعارا بعلة الحكم. وفي (مشهد) ستة أوجه. لأنه مصدر ميميّ أو اسم زمان أو مكان. وعلى كل فهو إما من (الشهود) أي الحضور أو (الشهادة) . وهذا معنى قول الزمخشريّ: أي في شهودهم هول الحساب والجزاء إلى يوم القيامة. أو من مكان الشهود فيه وهو الموقف. أو من وقت الشهود. أو من شهادة ذلك اليوم عليهم، وأن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بالكفر وسوء الأعمال. أو من مكان الشهادة أو وقتها.
وقيل: معناه ما شهدوا به في عيسى وأمه فعظمه لعظم ما فيه أيضا. كقوله كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ [الكهف: ٥] ، وفيه وعيد لهم وتهديد شديد.
وذلك لأنه لا أظلم ممن كذب با لحق لما جاءه. وقوله تعالى:
ومعناه أن أسماعهم وأبصارهم يوم يأتوننا للحساب والجزاء جدير بأن يتعجب منهما بعد أن كانوا في الدنيا صما عميا. والآية كقوله تعالى وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا [السجدة: ١٢] الآية، أي يقولون