ما صح نقله عن الآحاد، وصح وجهه في العربية، وخالف لفظه خط المصحف. فهذا يقبل ولا يقرأ به. لعلتين: إحداهما: أنه لم يؤخذ بإجماع، إنما أخذ بأخبار الآحاد. ولا يثبت قرآن، يقرأ به، بخبر الواحد. والعلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع على مغيّبه وصحته. وما لم يقطع على صحته لا تجوز القراءة به ولا كفر من جحده. ولبئس ما صنع، إذا جحده.
[القسم الثالث:]
هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية، فهذا لا يقبل، وإن وافق خط المصحف.
قال ابن الجزريّ: مثال القسم الأول: مالك، وملك. يخدعون، ويخادعون.
وأوصى، ووصى. وتطوع، ويطوع. ونحو ذلك من القراءات المشهورة. ومثال القسم الثاني: قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء (والذكر والأنثى) في وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى وقراءة ابن عباس: (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) ، (وأما الغلام فكان كافرا) ونحو ذلك مما ثبت برواية الثقات.
واختلف العلماء في جواز القراءة بذلك في الصلاة. فأجازها بعضهم. لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف في الصلاة. وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعيّ وأبي حنيفة. وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد. وأكثر العلماء على عدم الجواز. لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. وإن ثبتت بالنقل، فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة، أو بإجماع الصحابة على المصحف العثمانيّ.
أو أنها لم تنقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن. أو أنها لم تكن من الأحرف السبعة.
ومقال القسم الثالث، مما نقله غير ثقة: كثير مما في كتب الشواذ مما غالبه إسناده ضعيف. كقراءة ابن السّميفع وأبي السمال وغيرهما في نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ننحيك بالحاء المهملة. وكالقراءة المنسوبة إلى الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه التي جمعها أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعيّ ونقلها عنه أبو القاسم الهذليّ وغيره فإنها لا أصل لها. ومنها إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ برفع الهاء ونصب الهمزة. وقد راج ذلك على أكثر المفسرين ونسبها إليه وتكلف توجيهها.
قال ابن الجزريّ: وإن أبا حنيفة لبريء منها.
ومثال ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية، ولا يصدر مثله إلا على وجه السهو