الإعلام بأن المراد من في صحبتهن من الحرائر والإمام لظهور الإضافة في (نسائهن) بالحرائر. كقوله: شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ [البقرة: ٢٨٢] ، فعطفن عليهن ليشاركنهن في إباحة النظر عليهن، والقول الأول أقوى. لأن الأصل هو العمل بالعامّ حتى يقوم دليل على تخصيصه. لا سيما والحكمة ظاهرة فيه وهي رفع الحرج. وهذا الذي قطع به الشافعيّ وجمهور أصحابه.
قال في (الإكليل) : وعلى الأول استدل بإضافة اليمين على أنه ليس لعبد الزوج النظر. واستدل من أباحه بقراءة أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
وقوله: أَوِ التَّابِعِينَ أي الخدام لأنهن في معنى العبيد غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ أي الحاجة إلى النساء مِنَ الرِّجالِ كالشيخ الهرم والبله واستدل بهذا من أباح نظر الخصيّ. وقوله تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ أي لم يفهموا أحوالهن، لصغرهم. فيستدل به على تحريم نظر المراهق الذي فهم ذلك كالبالغ.
كما في (الإكليل) .
قال الزمخشريّ:(يظهروا) إما من (ظهر على الشيء) إذا اطلع عليه، أي لا يعرفون ما العورة، ولا يميزون بينها وبين غيرها. وإما من (ظهر على فلان) إذا قوي عليه و (ظهر على القرآن) أخذه وأطاقه أي لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء.
و (الطفل) مفرد وضع موضع الجمع بقرينة وصفه بالجمع. ومثله (الحاج) بمعنى الحجاج. وقال الراغب: إنه يقع على الجمع.
[تنبيه:]
قال السيوطيّ في (الإكليل) : استدل بعضهم بقوله تعالى وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا إلخ على أنه لا يباح النظر للعم والخال، لعدم ذكرهما في الآية. أخرج ابن المنذر عن الشعبيّ وعكرمة، قالا: لم يذكر العم والخال لأنهما ينعتان لأبنائهما، ولا تضع خمارها عند العم والخال.
وقال الرازيّ: القول الظاهر أنهما كسائر المحارم في جواز النظر. وهو قول الحسن البصريّ. قال: لأن الآية لم يذكر فيها الرضاع وهو كالنسب. وقال في سورة الأحزاب: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ [الأحزاب: ٥٥] الآية، ولم يذكر فيها البعولة ولا أبناءهم. وقد ذكروا هاهنا. وقد يذكر البعض لينبه على الجملة.
ثم قال: في قول الشعبيّ من الدلالات البليغة على وجوب الاحتياط عليهن في التستر.