قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ، أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [طه: ٩٢- ٩٤] . وقال هاهنا:
قالَ ابْنَ أُمَّ قرئ بالفتح والكسر، وأصله يا ابن أمي، خفف بحذف حرف النداء والياء، وذكر الأم ليرققه عليه. وقوله: إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي إزاحة لتوهم التقصير في حقه. والمعنى: بذلت وسعي في كفّهم حتى قهروني واستضعفوني، وقاربوا قتلي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ أي بالإساءة إليّ. والشماتة سرور الأعداء بما يصيب المرء وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي في عقوبتك لي، في عدادهم. أو لا تعتقد أني منهم، مع براءتي وعدم تقصيري.
قال الجشمي: تدل الآية على أن الأمر بالمعروف قد يسقط في حال الخوف على النفس، وفي الحال الذي يعلم أنه لا ينفع. لذلك قال هارون اسْتَضْعَفُونِي.
وتدل على أن الغضب والأسف على المبتدع محمود في الدين. انتهى.
قالَ أي موسى عليه السلام، متضرعا إلى ربه، استنزالا لرحمته، وتعوذا بمغفرته من سخطه. ولا يخفى اقتضاء المقام لذلك رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وقال الزمخشري: لما اعتذر إليه أخوه، وذكر له شماتة الأعداء قال رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي ليرضي أخاه، ويظهر لأهل الشماتة رضاه عنه، فلا تتم لهم شماتتهم. واستغفر لنفسه مما فرط منه إلى أخيه، ولأخيه أن عسى فرط في حسن الخلافة، وطلب أن لا يتفرقا عن رحمته، ولا تزال منتظمة لهما في الدنيا والآخرة.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ أي من افترى بدعة، فإن ذل البدعة، ومخالفة الرسالة على كتفيه كما قال الحسن البصري: إن ذل البدعة على أكتافهم، وإن هملجت بهم البغال، وطقطقت بهم البراذين. وهكذا روى أيوب عن أبي قلابة الجرميّ أنه قرأ هذه الآية