قال الزمخشريّ: فيه معنى التعجب. كأنه قيل: وما أحسن أولئك رفيقا! ولاستقلاله بمعنى التعجب قرئ (وحسن) بسكون السين.
[تنبيهات]
الأول- قال الرازيّ: ليس المراد بكون من أطاع الله وأطاع الرسول مع النبيين والصديقين ... إلخ- كون الكل في درجة واحدة. لأن هذا يقتضي التسوية في الدرجة بين الفاضل والمفضول. وأنه لا يجوز. بل المراد كونهم في الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر، وإن بعد المكان. لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضا. وإذا أرادوا الزيارة قدروا عليه. فهذا هو المراد من هذه المعية.
الثاني- دلت الآية على أنه لا مرتبة بعد النبوة في الفضل والعلم إلا هذا الوصف، وهو كون الإنسان صدّيقا. ولذا أينما ذكر في القرآن الصديق والنبيّ لم يجعل بينهما واسطة.
كما قال تعالى في وصف إسماعيل: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ [مريم: ٥٤] .
وفي صفة إدريس: إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا [مريم: ٥٦] . وقال في هذه الآية: مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ. يعني إنك إن ترقيت من الصديقية وصلت إلى النبوة. وإن نزلت من النبوة وصلت إلى الصديقية. ولا متوسط بينهما. وقال في آية أخرى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر: ٣٣] . فلم يجعل بينهما واسطة. وكما دلت هذه الدلائل على نفي الواسطة، فقد وفق الله هذه الأمة الموصوفة بأنها خير أمة، حتى جعلوا الإمام بعد الرسول عليه الصلاة والسلام أبا بكر، على سبيل الإجماع. ولما توفي رضوان الله عليه دفنوه إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما ذاك إلا أن الله تعالى رفع الواسطة بين النبيين والصديقين في هذه الآية. فلا جرم ارتفعت الواسطة بينهما في الوجوه التي عددناها. أفاده الرازيّ.
الثالث-
روى الطبريّ في سبب نزولها عن سعيد بن جبير قال: جاء»
رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محزون. فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: يا فلان! مالي أراك محزونا! فقال: يا نبيّ الله! شيء فكرت فيه. فقال: ما هو! قال نحن نغدو عليك ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك. غدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك. فلم يردّ النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئا. فأتاه جبريل بهذه الآية: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ إلخ. فبعث النبيّ