للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسجد حضرتكم الصلاة ولا تؤخروها حتى تعودوا إلى مساجدكم. والأمر على هذا الوجه للندب. قيل: وهو لا يناسب المقام. وإما على ما قبله، فهو للوجوب.

وهذه الوجود مستفادة مما روي عن السلف. قال في (اللباب) : معنى الآية في قول مجاهد والسدّيّ: وجهوا وجوهكم حيثما كنتم في الصلاة إلى الكعبة. وقال الضحاك: المعنى إذا حضرت الصلاة وأنتم عند المسجد فصلّوا فيه، ولا يقولن أحدكم: أصلي في مسجدي، أو مسجد قومي. وقيل معناه اجعلوا سجودكم لله خالصا.

وَادْعُوهُ أي: اعبدوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي: الطاعة بتخصيصها له، لأنه استحق عبادتكم بإبدائه إياكم، ولا يسعكم تركها، إذ إليه عودكم بالآخرة، فإنه كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي: كما أنشأكم ابتداء، يعيدكم إليه أحياء، فيجازيكم على أعمالكم، فأخلصوا له العبادة. وإنما شبه الإعادة بالابتداء، تقريرا لإمكانها والقدرة عليها.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٣٠]]

فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠)

فَرِيقاً هَدى بأن وفقهم للإيمان وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ وهم الكافرون إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ أي: أنصارا وأربابا مِنْ دُونِ اللَّهِ حيث أطاعوهم فيما أمروهم به من الكفر والمعاصي وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ أي: أنهم على هداية وحق فيما اعتقدوا.

[تنبيهان:]

الأول: قال ابن جرير: قوله تعالى: وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ من أبين الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها، أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل، وهو يحسب أنه مهتد، وفريق الهدى- فرق. وقد فرّق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية- انتهى-.

وحاصله، كما قال القاضي: إن الآية دلت على أن الكافر المخطئ والمعاند سواء في استحقاق الذم. قال القاضي: وللفارق أن يحمله على المقصر في. النظر،

<<  <  ج: ص:  >  >>