الواحد مبدأ العدد، والاثنين أول العدد، والثلاثة أول عدد فرد، والأربعة أول عدد زوج محدود- أي مجتمع من ضرب عدد في نفسه- والخمسة أول عدد دائر، والستة أول عدد نام- أي إذا أخذ جميع أجزائه لم يزد عليه ولم ينقص منه- والسبعة أول عدد أوّل- أي لا يتقدمه عدد بعده- والثمانية أول عدد زوج الزوج، والتسعة أول عدد مثلث، والعشرة أول عدد ينتهي إليه العدد. لأن ما بعده يكون مكررا بما قبله، فإذن العشرة هي العدد الكامل..!
كامِلَةٌ صفة مؤكدة لعشرة تفيد المبالغة في المحافظة على العدد، ففيه زيادة توصية لصيامها، وأن لا يتهاون بها، ولا ينقص من عددها، كأنّه قيل: تلك عشرة كاملة، فراعوا كمالها ولا تنقصوها. ذلِكَ أي: وجوب دم التمتع أو بدله لمن لم يجد لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أي: بل كان أهله على مسافة الغيبة منه، وأمّا من كان أهله حاضريه- بأن يكون ساكنا في مكة- فهو في حكم القرب من الله، فالله تعالى يجبره بفضله.
هذا، وقال بعض المجتهدين: إنّ ذلك إشارة إلى التمتع المفهوم من قوله:
فَمَنْ تَمَتَّعَ وليست للهدي والصوم، فلا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام، عنده.
وروى ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ ابن عباس كان يقول: يا أهل مكة! لا متعة لكم. أحلّت لأهل الآفاق وحرّمت عليكم، إنما يقطع أحدكم واديا- أو قال:
يجعل بينه وبين الحرم واديا- ثم يهلّ بعمرة..!.
وروى عبد الرزاق عن طاوس قال: المتعة للناس لا لأهل مكّة. ثمّ قال:
وبلغني عن ابن عباس مثل قول طاوس، والله أعلم.
و (الأهل) : سكن المرء من زوج ومستوطن. و (الحضور) : ملازمة الموطن.
وَاتَّقُوا اللَّهَ- في الجناية على إحرامه- وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن جنى على إحرامه أكثر من شدّة الملوك على من أساء الأدب بحضرته. وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة.
[تنبيهات]
الأول: في قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ.. الآية، دليل على مشروعية