أسفار مطولة ومختصرة بعنوان (الطب النبوي) . وقد بيّن الإمام ابن القيّم: عليه الرحمة، اشتمال التنزيل العزيز على أصول الطب، والسنة المطهرة على بدائعه، في كتابه (زاد المعاد) ، بيانا يدهش الألباب، وفوق كل ذي علم عليم. قال، عليه الرضوان، في كتابه (زاد المعاد، في هدي خير العباد) :
[فصل]
قد أتينا على جمل من هديه صلّى الله عليه وسلّم في المغازي والسير والبعوث والسرايا والرسائل والكتب التي كتب بها إلى الملوك ونوابهم، ونحن نتبع ذلك بذكر فصول نافعة في هديه في الطب الذي تطبب به، ووصفه لغيره، ونبين ما فيه من الحكمة التي يعجز أكثر عقول أكثر الأطباء عن الوصول إليها، وأن نسبة طبهم إليها كنسبة طب العجائز إلى طبهم، فنحن نقول وبالله المستعان:
المرض نوعان: مرض القلوب، ومرض الأبدان. وهما مذكوران في القرآن.
ومرض القلب نوعان: مرض شبهة وشك، ومرض شهوة وغيّ، وكلاهما في القرآن.
قال تعالى في مرض الشبهة: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة: ١٠] ، وقال تعالى: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا [المدثر: ٣١] . وقال تعالى في حق من دعي إلى تحكيم القرآن والسنة فأبى وأعرض:
وأما مرض الشهوات فقال تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ، إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً [الأحزاب: ٣٢] . فهذا مرض شهوة الزنى- والله أعلم.
وأما مرض الأبدان فقال تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ [النور: ٦١] . وذكر مرض البدن في الحج والصوم والوضوء لسرّ بديع، يبين ذلك عظمة القرآن والاستغناء به، لمن فهمه وعقله، عن سواه. وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ الموادّ الفاسدة. فذكر سبحانه هذه الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة. فقال في آية