السابقون أولئك المقربون. ثم إن كلّا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات كقول القائل: السابق الذي يصلي في أول الوقت، والمقتصد الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار. أو يقول: السابق المحسن بالصدقة مع الزكاة، والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة فقط، والظالم مانع الزكاة.
قال: وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوّع التفسير، تارة لتنوّع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى، هو الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف.
ومن التنازع الموجود منهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين، إما لكونه مشتركا في اللغة، كلفظ «القسورة» الذي يراد به الرامي، ويراد به الأسد ولفظ «عسعس» الذي يراد به إقبال الليل وإدباره. وإما لكونه متواطئا في الأصل، لكن المراد به أحد النوعين، أو أحد الشخصين، كالضمائر في قوله: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى [النجم: ٨] الآية، وكلفظ وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ [الفجر: ١- ٣] وأشباه ذلك. فمثل ذلك قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك. فالأول إما لكون الآية نزلت مرتين، فأريد بها هذا تارة، وهذا تارة. وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه وإما لكون اللفظ متواطئا، فيكون عاما إذا لم يكن لمخصصه موجب. فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني.
ومن الأقوال الموجودة عنهم، ويجعلها بعض الناس اختلافا، أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة، كما إذا فسر بعضهم «تبسل» بتحبس، وبعضهم بترتهن، لأن كلّا منهما قريب من الآخر.
[فصل]
ثم قال:
والاختلاف في التفسير على نوعين: منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك.
والمنقول إما عن المعصوم أو غيره، ومنه ما يمكن معرفة الصحيح منه من غيره، ومنه ما لا يمكن ذلك. وهذا القسم الذي لا يمكن معرفة صحيحه من