للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسيته، على ما حكاه الفراء. كقوله تعالى فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا [الأعراف: ٥١] . وقرأ نافع (مفرطون) بكسر الراء. اسم فاعل من (أفرط) إذا تجاوز أي متجاوز الحدّ في معاصي الله. وقرأ أبو جعفر بكسر الراء المشددة من (فرّط في كذا) إذ قصر. ويقرب من الآية ما قص عنهم في قوله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى، فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ [فصلت: ٥٠] . وقال تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً [الكهف: ٣٥- ٣٦] .

ثم ذكر تعالى نعمته في إرسال الرسل وتكذيب أممهم، ليتأسى صلوات الله عليه بهم بقوله سبحانه:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٣ الى ٦٤]

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ أي من الكفر والتكذيب والعناد فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ أي قرينهم، يغويهم. أو المراد باليوم يوم القيامة. والوليّ بمعنى الناصر. وجعله ناصرا فيه، مع أنهم لا ينصرون، مبالغة في نفيه، وتهكم، على حدّ (عتابه السيف) وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ أي فالقرآن هو الفرقان الفاصل بين الحق والباطل، وكل ما يتنازع فيه وَهُدىً أي للقلوب وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ثم أشار إلى عظيم قدرته في آياته الكونية الدالة على وحدانيته، إثر قدرته في إحياء القلوب الميتة بالكفر، بما أنزله من وحيه وهداه ورحمته، بقوله:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]

وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (٦٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>