للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ، أي: أوامره ونواهيه هُزُواً، أي: مهزوّا بها بأن تعرضوا عنها وتتهاونوا في المحافظة عليها وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أي: في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ، أي: السنة يَعِظُكُمْ بِهِ أي: بما أنزل. أي: يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على المخالفة وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، تأكيد وتهديد.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٢]]

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ، أي: انقضت عدتهن. وقد دلّ سياق الكلامين على اختلاف البلوغين، إذ الأول دلّ على المشارفة للأمر بالإمساك، وهذا على الحقيقة للنهي عن العضل فَلا تَعْضُلُوهُنَّ، أي: لا تمنعوهن أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ، الذين طلّقوهن والآن يرغبن فيهم إِذا تَراضَوْا، أي: النساء والأزواج بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، أي: بما يحسن في الدين من الشرائط ذلِكَ، أي: النهي عن العضل يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ، أي: الاتعاظ بترك العضل والضرار أَزْكى لَكُمْ، أي أصلح لكم وَأَطْهَرُ، لقلوبكم وقلوبهن من الريبة والعداوة وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، أي: يعلم ما فيه صلاح أموركم فيما يأمر وينهى (ومنه ما بينه هنا) وأنتم لا تعلمونه، فدعوا رأيكم وامتثلوا أمره تعالى ونهيه في كلّ ما تأتون وما تذرون. وقد روي: أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار المزنيّ وأخته.

أخرج البخاريّ وأبو داود والترمذي «١» وغيرهم عن معقل بن يسار: أنه زوّج أخته رجلا من المسلمين. فكانت عنده ثم طلّقها تطليقة ولم يراجعها. حتى انقضت العدّة فهويها وهويته. فخطبها مع الخطاب. فقال له: يا لكع! أكرمتك بها وزوجتكها فطلّقتها، والله لا ترجع إليك أبدا. فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه، فأنزل الله الآية. فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة! ثم دعاه وقال: أزوّجك


(١) أخرجه البخاريّ في: الطلاق ٤٤- باب وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ، حديث ١٩٧٨.
والترمذيّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ٢٨- حدثنا عبد بن حميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>