فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أي ممن تقوّل على الله كذبا بالتحليل والتحريم، أو بنسبة الولد والشريك، أو كذب بآياته المنزلة أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ أي يصيبهم حظهم مما كتب لهم من الرزق والعمر وغير ذلك. أي مع ظلمهم وافترائهم وتكذيبهم، لا يحرمون ما قدر لهم من العمر والزرق إلى انقضاء آجالهم. وفي الآية وجوه أخر، هذا أظهرها وأقواها في المعنى، وتتمة الآية تدل عليه، وحينئذ تتلاقى مع نظائرها، كقوله تعالى: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ [يونس: ٦٩- ٧٠] .
وقوله تعالى: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا.. [لقمان: ٢٣- ٢٤] الآية- حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ أي: ملائكة الموت تقبض أرواحهم قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: أين الآلهة التي كنتم تعبدونها ليكونوا لكم شفعاء، فلا نراهم يخلّصونكم مما تحقق عليكم من هذه الشدائد. وفائدة السؤال وجهان: توبيخ وتبكيت لهم يزيدهم غمّا إلى غم، ولطف بالمكلف لأنه إذا تصور ذلك صرفه عن التكذيب. و (ما) وقعت موصولة ب (أين) في خط المصحف العثمانيّ، ومقتضى الاصطلاح الفصل لأنها موصولة قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي: غابوا عنا فلم يخلّصونا من شيء وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ أي: عابدين لما لا يستحق العبادة.
اعترفوا بأنهم لم يكونوا على شيء فيما كانوا عليه، وأنهم لم يحمدوه في العاقبة.