للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى يقول: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا. يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه

. والحديث طويل جليل. معروف، عند المحدثين، بالحديث المسلسل بالدمشقيين.

ثم بين تعالى أن سير المشركين المستمر، وعادتهم الدائمة، مع ما أرسل به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كسير الأمم السالفة مع رسلهم، بقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٥٢]]

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢)

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ خبر لمقدر، أي دأب هؤلاء، كدأب آل فرعون ومن تقدمهم من الأمم، كقوم نوح، وهو عملهم الذي دأبوا، أي استمروا عليه، ثم فسره فقال: كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أي قبل يوم القيامة بِذُنُوبِهِمْ أي كما أخذ هؤلاء، لأنهم اجترءوا على معاصيه بما رأوا لأنفسهم من القوة. فضعّفهم، إظهارا لقوته إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ

قال المهايمي: تأخير العذاب إنما يكون للرحمة، لكنه لما اشتد عنادهم، اشتد غضبه، لأنه شديد العقاب لمن اشتد عناده معه، فلا يكون في حقه رحمة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٥٣]]

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣)

ذلِكَ أي التعذيب الذي علم كونه مؤاخذة بالذنوب بِأَنَّ اللَّهَ أي بسبب أنه تعالى لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ بتبديله إياها بالنقمة حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ من موجبات تلك النعم من اعتقاد أو قول أو عمل. وهذا إخبار عن تمام عدله وقسطه في حكمه، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد: ١١] .

قال القاشاني. كل ما يصل إلى الإنسان هو الذي يقتضيه استعداده، ويسأله بدعاء الحال، وسؤال الاستحقاق. فإذا أنعم على أحد النعمة الظاهرة أو الباطنة

<<  <  ج: ص:  >  >>