وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ أي الموعود من العذاب الأخرويّ، بطريق الاستهزاء والإنكار، لا لتعيين وقته إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في إتيانه. قال الزمخشريّ: كانوا يستعجلون عذاب الله وآياته الملجئة إلى العلم والإقرار. فأراد نهيهم عن الاستعجال وزجرهم. فقدم أولا ذم الإنسان على إفراط العجلة وأنه مطبوع عليها. ثم نهاهم وزجرهم كأنه قال: ليس ببدع منكم أن تستعجلوا. فإنكم مجبولون على ذلك وهو طبعكم وسجيتكم. ثم بين هول ما يستعجلونه وفظاعة ما فيه، وأن عجلتهم لجهلهم بمغبته، بقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]
لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ أي لا يدفعونها عن أشرف أعضائهم وأقواها. فتقديم الوجه لشرفه، ولكون الدفع عنه أهم من غيره أيضا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ أي بدفع أحد عنهم. وجواب (لو) محذوف أي:
لما استعجلوا. وقيل (لو) للتمني. لا جواب لها بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ أي فجأة فتحيّرهم. لأنهم إن أرادوا الصبر عليها لم يقدروا عليه. وإن أرادوا ردّها فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها أي بسبب من الأسباب وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أي يمهلون ليستريحوا طرفة عين لتمام مدة الإنظار قبله. ثم أشار إلى تسليته عليه الصلاة والسلام عن استهزائهم، في ضمن وعيد لهم، بقوله تعالى: