للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقرير البليغ، دلالة غير خفية على من هو من الفريقين على الهدى، ومن هو في الضلال المبين، ولكن التعريض والتورية أفضل بالمجادل إلى الغرض، وأهجم به على الغلبة مع قلة شغب الخصم وقل شوكته بالهوينا، ونحوه قول الرجل لصاحبه: علم الله الصادق مني ومنك، وإن أحدنا لكاذب.

ومنه بيت حسان:

اتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخيركما الفداء

انتهى.

قال الناصر: وهذا تفسير مهذب وافتنان مستعذب، رددته على سمعي فزاد رونقا بالترديد. واستعاده الخاطر، كأني بطيء الفهم حين يفيد، ولا ينبغي أن ينكر بعد ذلك على الطريقة التي أكثر تعاطيها متأخرو الفقهاء في مجادلاتهم ومحاوراتهم.

وذلك قولهم: أحد الأمرين لازم على الإبهام. فهذا المسلك من هذا الوادي غير بعيد، فتأمله، والله الموفق. انتهي.

قال الشهاب: وهذا فن من فنون البلاغة يسمى (الكلام المنصف) . وقيل إن الآية على اللف والنشر المرتب. ونظر فيه بأنه لو قصد اللف بأن يكون على هدى راجعا لقوله: وَإِنَّا وأَوْ فِي ضَلالٍ راجعا ل إِيَّاكُمْ كان العطف بالواو لا بأو.

وكونها بمعنى الواو كما في قوله:

سيّان كسر رغيفه ... أو كسر عظم من عظامه

بعيد جدا. إلّا أنه قيل: لو جعل فيه إيماء لذلك لم يبعد. وإيثار (على) في الهدى و (في) في مقابله، للدلالة على استعلاء صاحب الهدى وتمكنه واطلاعه على ما يريد، كالواقف على مكان عال، أو الراكب على جواد. وانغماس الضال في ضلاله حتى كأنه في مهواة مظلمة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : آية ٢٥]]

قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥)

قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ أي قل لهؤلاء المشركين:

لا تسألون عما أجرمنا من جرم وركبنا من إثم، ولا نسأل نحن عما تعملون من عمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>