للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درجة وحطّ عنه به خطيئة. فقال الأنصاري: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:

سمعته أذناي ووعاه قلبي. فخلّى سبيل القرشيّ. فقال له معاوية: مروا له بمال.

ورواه الإمام أحمد «١» أيضا عن أبي السفر قال: كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار. فاستعدى عليه معاوية. فقال القرشيّ: إن هذا دق سني، فقال معاوية:

كلّا. إنا سنرضيه. قال فلما ألح عليه الأنصاري. قال معاوية: شأنك بصاحبك- وأبو الدرداء جالس- فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يصاب بشيء من جسده، فيتصدق به، إلا رفعه الله به درجة وحط عنه بها خطيئة. قال فقال الأنصاري: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم. سمعته أذناي ووعاه قلبي. يعني فعفا عنه الأنصاريّ. وهكذا رواه الترمذيّ

وقال: غريب، ولا أعرف لأبي السفر سماعا من أبي الدرداء.

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لأنهم حكموا بخلاف حكم الله العدل. وتقدم في أول التنبيهات الخمس، قريبا، سرّ التعبير هاهنا ب (الظالمون) قبله ب (الكافرين) فتذكّر.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٤٦]]

وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦)

وَقَفَّيْنا أي أتبعنا عَلى آثارِهِمْ يعني أنبياء بني إسرائيل بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أي: أرسلناه عقبهم مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ أي: مؤمنا بها حاكما بما فيها وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً أي إلى الحق وَنُورٌ أي: بيان للأحكام وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ أي: لما فيها من الأحكام. وتكرير ذلك لزيادة التقرير.

قال ابن كثير: أي متبعا لها غير مخالف لما فيها، إلا في القليل. مما بيّن لبني إسرائيل بعض ما كانوا يختلفون فيه، كما قال تعالى إخبارا عن المسيح. أن قال لبني إسرائيل: وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ. ولهذا كان المشهور من قول العلماء: إن الإنجيل نسخ بعض أحكام التوراة.


(١) أخرجه في المسند ٦/ ٤٤٨.
وأخرجه الترمذي في: الديات، ٥- باب ما جاء في العفو.

<<  <  ج: ص:  >  >>