للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦٣]]

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣)

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً أي يسألونك عن وقت قيامها. وكان المشركون في مكة يسألونه صلّى الله عليه وسلّم، عنها استعجالا على سبيل الهزء. وكذلك اليهود في المدينة أو غيرهم. لأن هذه السورة مدنية، وقد أرشده تعالى أن يردّ علمها إليه لاستئثاره تعالى به. فلم يطلع عليه نبيا ولا ملكا، وأن يبين لهم أنها قريبة الوقوع، تهديدا للمستعجلين وإسكاتا للممتحنين.

لطيفة:

تذكير (قريبا) باعتبار موصوفه، الخبر، أي شيئا قريبا. أو لأن الساعة في معنى اليوم أو الوقت. أو أن (قريبا) ظرف منصوب على الظرفية، فإن (قريبا) و (بعيدا) يكونان ظرفين. فليس صفة مشتقة، حتى تجري عليه أحكام التذكير والتأنيث.

قال أبو السعود: والإظهار في حيز الإضمار، للتهويل وزيادة التقرير. وتأكيد استقلال الجملة. يعني أن قوله: وَما يُدْرِيكَ خطاب مستقل له عليه السلام، غير داخل تحت الأمر، مسوق لبيان أنها مع كونها غير معلومة للخلق، مرجوة المجيء عن قريب.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٦٤ الى ٦٦]

إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦)

إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ أي أبعدهم من رحمته وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً أي نارا شديدة الاتّقاد في الآخرة خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا أي حافظا يتولاهم وَلا نَصِيراً أي يخلصهم يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ أي تصرف من جهة إلى جهة، تشبيه بقطعة لحم في قدر تغلي. ترامى بها الغليان من جهة إلى جهة. أو المعنى:

من حال إلى حال. فالمراد تغيير هيئاتها من سواد وتقديد وغيره.

قال الزمخشريّ: وخصت الوجوه بالذكر، لأن الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده، ويجوز أن يكون الوجه عبارة عن الجملة. وناصب الظرف (يقولون) أو

<<  <  ج: ص:  >  >>