للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النمل (٢٧) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٤)

وَصَدَّها أي وكان صدها عن الهداية ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ أي القصر، أو صحن الدار وكان سليمان عليه السلام اتخذ قصرا بديعا من زجاج، فأراد أن يريها منه عظمة ملكه وسلطانه، ومقدار ما آثره الله به لَمَّا رَأَتْهُ

أي صحنه سِبَتْهُ لُجَّةً

أي ماء عظيما كَشَفَتْ

أي للخوض فيه نْ ساقَيْها، قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ

أي مملّس نْ قَوارِيرَ

أي من الزجاج الَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي

أي بكفرها السالف وعبادتها وقومها الشمس أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

أي متابعة له في دينه وعبادته لله وحده لا شريك له.

[تنبيهات:]

الأول- روى كثير من المفسرين هاهنا أقاصيص لم تصحّ سندا ولا مخبرا. وما هذا سبيله، فلا يسوغ نقله وروايته.

قال الحافظ ابن كثير، بعد أن ساق ما رواه ابن أبي شيبة عن عطاء مستحسنا له، ما مثاله: قلت: بل هو منكر غريب جدا. ولعله من أوهام عطاء بن السائب على ابن عباس، والله أعلم.

ثم قال: والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب، مما وجد في صحفهم. كروايات كعب ووهب، سامحهما الله تعالى، فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل، من الأوابد والغرائب والعجائب. مما كان ومما لم يكن. ومما حرف وبدل ونسخ. وقد أغنانا الله سبحانه عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ، ولله الحمد والمنة.

الثاني- أشير في (التوراة) في الفصل الرابع من سفر الملوك الثالث إلى تفصيل نبأ سليمان عليه السلام وعظمة ملكه وسلطانه. ومما جاء فيه أن سليمان كان متسلطا على جميع الممالك من نهر الفرات إلى أرض فلسطين وإلى تخم مصر. وإن ملوك الأطراف كانوا يحملون له الهدايا خاضعين له كل أيام حياته أي أنها تؤدّي له

<<  <  ج: ص:  >  >>