التكذيب، مع نوع من التغيير. ولا (لا) خوفا من التجهيل.
وقال الزمخشريّ: لم تقل (هو هو) ولا (ليس به) وذلك من رجاحة عقلها.
حيث لم تقطع في المحتم. أي: فأتت ب (كأن) الدالة على غلبة الظن.
قال الشهاب: وهذا إشارة إلى أن (كأن) ليس المراد بها هنا التشبيه بل الشك.
وهو مشهور فيها.
وقد أبدى صاحب (الانتصاف) فرقا بين (كأن) و (هكذا) في التشبيه.
وعبارته: وفي قولها (كأنه هو) وعدولها عن مطابقة الجواب للسؤال بأن تقول (هكذا هو) - نكتة حسنة. ولعل قائلا يقول: كلتا العبارتين تشبيه. إذ كان التشبيه فيهما جميعا، وإن كانت في إحداهما داخلة على اسم الإشارة، وفي الأخرى داخلة على المضمر، وكلاهما (أعني اسم الإشارة والمضمر) واقع على الذات المشبهة.
فلا بد في اختيار كَأَنَّهُ هُوَ من حكمة. فنقول: حكمته، والله أعلم، أن كَأَنَّهُ هُوَ عبارة من قرب عنده الشبه حتى شكك نفسه في التغاير بين الأمرين. فكاد يقول (هو هو) وتلك حال بلقيس. وأما (هكذا هو) فعبارة جازم بتغاير الأمرين، حاكم بوقوع الشبه بينهما لا غير. فلهذا عدلت إلى العبارة المذكورة في التلاوة، لمطابقتها لحالها، والله أعلم. انتهى.
وقوله تعالى: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ هذا من تمام كلام سليمان عليه السلام، شكرا لله على فضلهم عليها، وسبقهم إلى العلم بالله وبالإسلام. أي: وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته، وبصحة ما جاء من عنده، قبل علمها الذي أومأ إليه قولها كَأَنَّهُ هُوَ والجملة عطف على مقدر اقتضاه المقام المقتضى، للإفاضة في وصفها برجاحة الرأي في الهداية للإسلام. والتقدير: أصابت في جوابها وقد رزقت الإسلام، وعلمت قدرة الله. وأوتينا العلم إلخ. وقيل: إنه من كلام بلقيس، موصولا بقولها كَأَنَّهُ هُوَ، لا من كلام سليمان، كأنها ظنت أنه أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها، فقالت: أوتينا العلم إلخ. أي لا حاجة إلى الاختبار لأني آمنت قبل. وهذا يدل على كمال عقلها.
أو المعنى: علمنا إتيانك بالعرش قبل الرؤية، أو هذه الحالة بالقرائن أو الأخبار.
قال ابن كثير: ويؤيد الأول، أي أنه من كلام سليمان، أنها إنما أظهرت الإسلام بعد دخولها إلى الصرح، كما سيأتي، والله أعلم. وقوله تعالى: