إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لمن أطاعه وتاب إليه من سالف ذنوبه، فأنيبوا إليه أيها الأعراب، وتوبوا من النفاق، واعقدوا قلوبكم على الإيمان، والعمل بمقتضياته، يغفر لكم ويرحمكم.
ثم بين تعالى الإيمان، وما به يكون المؤمن مؤمنا، بقوله:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به من وحدانية الله ونبوّة نبيه، وألزموا نفوسهم طاعة الله، وطاعة رسوله، والعمل بما وجب عليهم من فرائض الله بغير شك في وجوب ذلك عليهم.
وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي جاهدوا المشركين بإنفاق أموالهم، وبذل مهجهم في جهادهم، على ما أمرهم الله به من جهادهم، وذلك سبيله، لتكون كلمة الله العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى- قاله ابن جرير: وقدّمنا مرارا أن قصر (سبيل الله) على غزو الكفار المعتدين، من باب قصر العام على أهم أفراده وأعلاها، وإلا فسبيل الله يعم العبادات والطاعات كلها، لأنها في سبيله وجهته.
قال الشهاب: وقدم الأموال، لحرص الإنسان عليها، فإن ماله شقيق روحه.
وجاهَدُوا بمعنى: بذلوا الجهد. أو مفعوله مقدر، أي العدوّ أو النفس والهوى.
أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ أي الذين صدقوا في ادّعاء الإيمان، لظهور أثر الصدق على جوارحهم، وتصديق أفعالهم وأقوالهم. وفيه تعريض يكذب أولئك الأعراب في ادعائهم الإيمان وإفادة للحصر. أي: هم الصادقون، لا هؤلاء، أو إيمانهم إيمان صدق وجد.
[تنبيهات:]
الأول- قال في (الإكليل) : في الآية دليل على أن الأعمال من الإيمان. وقدمنا أن هذا ما لا خلاف فيه بين السلف، وليراجع في ذلك ما بسطه ابن حزم رحمه الله في (الفصل) .
الثاني- قال القاشانيّ: في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ.. الآية إشارة إلى