للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أضيف إلى الشيطان؟ أجيب: بأن السبب من الشيطان، وهو الوسوسة والإعراض عن الذكر، فأضيف إليك لذلك. كما أن من ألقى غيره في النار فمات، يقال، إنه القاتل، وإن كان الإحراق فعل الله، واختلف في النسيان ما هو؟ فقال الحاكم: هو معنى يحدثه الله في القلب. وقال أبو هاشم وأصحابه: ليس بمعنى، وإنما هو زوال العلم الضروريّ الذي جرت العادة بحصوله. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٩]]

وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩)

وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ أي: وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء عما يحاسبون عليه من خوضهم، وَلكِنْ ذِكْرى أي: ولكن أمروا بالإعراض عنهم، ليكون ذكرى لضعفاء المسلمين، لئلا يقع شيء من مطاعن المستهزئين في قلوبهم. لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: يبلغ مبلغ التوقي من شبهاتهم، بالجلوس مع علمائه بدلهم.

[تنبيهان:]

الأول- ما ذكرناه في معنى الآية، هو ما قرره المهايميّ رحمه الله تعالى.

وقيل: المعنى: ولكن على المتقين أن يذكروهم ذكرى إذا سمعوهم يخوضون، بالقيام عنهم، وإظهار الكراهة لهم وموعظتهم، لعلهم يتقون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم، فلا يعودون إليه، وجوزوا أن يكون الضمير الَّذِينَ يَتَّقُونَ، أي:

يذكرونهم رجاء أن يثبتوا على تقواهم، أو يزدادوها. انتهى.

وما ذكرناه أسدّ وأوجه.

وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، قال في الآية: أي ما عليك أن يخوضوا في آيات الله إذا فعلت ذلك. أي: إذا تجنبتهم، وأعرضت عنهم. وعليه فالموصول كناية عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. التفت به تعظيما وتكريما.

الثاني- قال السيوطيّ في (الإكليل) : قد يستدل بقوله تعالى: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ.. إلخ على أن من جالس أهل المنكر، وهو غير راض بفعلهم، فلا إثم عليه. لكن آية النساء تدل على أنه آثم، ما لم يفارقهم، لأنه قال: إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء: ١٤٠] . أي إن قعدتم فأنتم مثلهم في الإثم، وهي متأخرة. فيحتمل أن تكون ناسخة لهذه، كما ذهب إليه قوم منهم السدّيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>