إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤)
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ أي يدعونك مِنْ وَراءِ أي خارج الْحُجُراتِ أي عند كونك فيها، استعجالا لخروجك إليهم، ولو بترك ما أنت فيه من الأشغال أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ إذ لا يفعله محتشم، ولا يفعل لمحتشم، فلا يراعون حرمة أنفسهم، ولا حرمتك، ونسب إلى الأكثر، لأنه قد يتبع عاقل جماعة الجهال، موافقة لهم.
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ أي لأن خروجه باستعجالهم ربما يغضبه، فيفوتهم فوائد رؤيته وكلامه. وإن صبروا استفادوا فوائد كثيرة، مع اتصافهم بالصبر، ورعاية الحرمة لنبيهم وأنفسهم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لمن تاب من معصية الله، بندائك كذلك، وراجع أمر الله فيه وفي غيره.
[تنبيهات:]
الأول- قال ابن كثير: قد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميميّ، فيما أورده غير واحد.
روى الإمام أحمد «١» عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد! يا محمد! (وفي رواية: يا رسول الله!) فلم يجبه. فقال: يا رسول الله! إن حمدي لزين، وإن ذمّي لشين، فقال: ذاك الله عز وجل.
وروى ابن إسحاق، في ذكر سنة تسع، وهي المسماة سنة الوفود أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما افتتح مكة، وفرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف، وبايعت، ضربت إليه وفود