للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غافر: ٣٦- ٣٧] . كذّب موسى في قوله: إن الله فوق السموات. وقال أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك: ١٦] فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السموات قال: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ، لأنه مستو على العرش الذي هو فوق السموات، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السموات، وليس إذا قال: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ، يعني جميع السماء، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات. ألا ترى أن الله ذكر السموات فقال وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً [نوح: ١٦] ، فلم يرد أن القمر يملؤهن، وأنه فيهن جميعا. ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم، إذا دعوا، نحو السماء، لأن الله على العرش الذي هو فوق السموات، فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطّونها، إذا دعوا، إلى الأرض.

ثم قال:

[فصل]

وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أنه استولى وملك وقهر، وأن الله عز وجل في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله على عرشه، كما قال أهل الحق. وذهبوا في الاستواء إلى (القدرة) ، فلو كان هذا كما ذكروه، كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة، لأن الله قادر على كل شيء، فالله قادر على الأرض، وعلى الحشوش، وعلى كل ما في العالم.

فلو كان الله مستويا على العرش بمعنى (الاستيلاء) ، وهو عزّ وجلّ مستول على الأشياء كلها، لكان مستويا على العرش، وعلى الأرض، وعلى السماء، وعلى الحشوش والأقذار لأنه قادر على الأشياء، مستول عليها، وإذا كان قادرا على الأشياء كلها، ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول إن الله مستو على الحشوش والأخلية، لم يجز أن يكون الاستواء على العرش (الاستيلاء) ، الذي هو عامّ في الأشياء كلها، ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص العرش دون الأشياء كلها.

وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل- انتهى-.

قلت: وكلام أبي الحسن الأشعري الأخير مأخوذ من كتاب ردّ الإمام أحمد على الجهمية، حيث قال في كتابه المذكور:

ومما أنكرت الجهمية الضّلال أن يكون الله سبحانه على العرش، فقلنا: لم

<<  <  ج: ص:  >  >>