للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصة «١» تحاكم اليهود إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم لما زنى منهم اثنان، فحكم عليهما بالرجم، فأبوا وقالوا: لا نجد في كتابنا إلا التحميم، فجيء بالتوراة فوجد فيها الرجم، فرجما، فغضبوا فشنع عليهم بهذه الآية. والله أعلم.

قال بعض المفسرين: وللآية ثمرتان:

الأولى: أن من دعى إلى كتاب الله وإلى ما فيه من شرع وجب عليه الإجابة.

وقد قال العلماء رضي الله عنهم: يستحب أن يقول سمعا وطاعة، لقوله تعالى:

إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور: ٥١] .

الثمرة الثانية: أن الإسلام ليس بشرط في الإحصان، لأنه صلّى الله عليه وسلم رجم اليهوديين، ونزلت الآية مقررة له. انتهى- أي على القول بذلك، والله أعلم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٢٤]]

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)

ذلِكَ إشارة إلى التولي والإعراض بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ أي بسبب تسهيلهم أمر العقاب على أنفسهم وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ من قولهم ذلك. وفي التعبير بالغرور والافتراء إعلام بأن ما حدّثوا به أنفسهم وسهلوه عليها تعلل بباطل وتطمّع بما لا يكون. ثم رد قولهم المذكور، وأبطل ما غرهم باستعظام ما أعدّ لهم، وتهويله، وأنهم يقعون فيما لا حيلة لهم في دفعه بقوله:


(١)
أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٣- سورة آل عمران، ٦- باب قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. ونصه: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا. فقال لهم «كيف تفعلون بمن زنى منكم؟» قالوا: نحممهما ونضربهما. فقال «لا تجدون في التوراة الرجم؟» فقالوا: لا نجد فيها شيئا. فقال لهم عبد الله بن سلام: كذبتم.
فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم.
فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها. ولا يقرأ آية الرجم. فنزع يده عن آية الرجم. فقال: ما هذه؟
فلما رأوا ذلك قالوا هي آية الرجم. فأمر بهما فرجما قريبا من حيث موضع الجنائز عند المسجد.
فرأيت صاحبها يجنأ عليها، يقيها الحجارة
.

<<  <  ج: ص:  >  >>