وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ قال الشهاب: لم يقل: خلفاء عاد، إشارة إلى أن بينهما زمانا طويلا وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أي: أنزلكم في أرض الحجر.
والمباءة المنزل. تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً أي: تبنون في سهولها قصورا لتسكنوها أيام الصيف. ف (من) بمعنى (في) ، كقوله تعالى: نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ [الجمعة: ٩] . أو هي ابتدائية، أو تبعيضية، أي: تعملون القصور من مادة مأخوذة من السهل وهي الطين. والسهل خلاف الحزن، وهو موضع الحجارة والجبال وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً أي: لتسكنوها أيام الشتاء. والجبال إما مفعول ثان بتضمين (نحت) معنى (اتخذ) ، أو منصوب بنزع الخافض، على ما جاء في الآية الأخرى: والنحت معروف في كل صلب. ومضارعه مكسور الحاء. وقرأ الحسن بالفتح لحرف الحلق: وقرئ تنحاتون بالإشباع، ك (ينباع) ، أفاده الشهاب.
[بحث الإشباع في وسط الكلمة:]
أقول: بهذه القراءة يستدل على ثبوت الإشباع في وسط الكلمة لغة. ومثله (ينباع) المذكورة، وهي من قول عنترة:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
أي ينبع العرق من خلف أذن ناقة غضوب، فأشبع الفتحة لإقامة الوزن، فتولّدت من إشباعها ألف. ومثله قولنا (آمين) ، والأصل (أمين) فأشبعت الفتحة، فتولدت من إشباعها ألف- قاله الزوزني-.
ومثله (استكان) على القول بأنه افتعل من (السكون) فزيدت الألف لإشباع الفتحة كما في (شرح الشافية) .
ومنه (عقراب) - قال في (تاج العروس) : سمع العقراب في اسم الجنس.