الصنيع الذي يبلو به عباده. واستظهر الطيبي تفسيره بالإبلاء في الحرب بدليل ما بعده. قال ابن الأعرابيّ: يقال: أبلى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أو كرم. ويقال:
أبلى ذلك اليوم بلاء حسنا.
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ أي لدعائهم واستغاثتهم عَلِيمٌ أي بمن يستحق النصر والغلب وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ١٨]]
ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨)
ذلِكُمْ إشارة إلى البلاء الحسن، أو القتل، أو الرمي. ومحله الرفع. أي المقصود أو الأمر (ذلكم) . وقوله: وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ معطوف عليه.
أي مضعف بأس الكافرين وحيلهم بنصركم وخذلانهم، أي أن المقصود إبلاء المؤمنين، وتوهين كيد الكافرين.
قال ابن كثير: هذه بشارة أخرى. مع ما حصل من النصر، فإنه أعلمهم بأنه مضعف كيد الكافرين فيما يستقبل، مصغر أمرهم، وأنه في تبار ودمار. أي: وقد وجد المخبر على وفق الخبر، فصار معجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلّم، ولله الحمد والمنة.
وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ١٩]]
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ خطاب للمشركين، أي إن تطلبوا الفتح، أي القضاء وأن يفصل بينكم وبين أعدائكم المؤمنين، فقد جاءكم القضاء بما سألتم.
روى الإمام أحمد «١» والنسائي والحاكم، وصححه، عن عبد الله بن ثعلبة. أن أبا جهل قال، حين التقى القوم: اللهم! أقطعنا للرحم. وآتانا بما لا نعرفه، فأحنه- أي فأهلكه- الغداة. فكان المستفتح.
وعن السّدّي أن المشركين حين خرجوا من مكة إلى بدر: أخذوا بأستار
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٤٣١.